3.9.12

ثلاث كتب في مقال واحد: رواية شرفة رجل الثلج، رأيت رام الله، الهروب إلى الخطر


رواية شرفة رجل الثلج/ إبراهيم نصر الله

إنها رواية الإنسان العربي المقهور الذي يرى الويلات من حكومته، فبدل أن تكون الحكومة عونا للمواطن العادي، تكون عليه وبالا، ويبقى حاجز الخوف يحول بينه وبين المطالبة بحقه. إنها السياسة المخابراتية التي ترصد كل حركة يخطوها المواطن، فتفتح له الملفات الضخمة مذ قبل الولادة، إلى أن يصير الخوف من الحكومة كابوس يخطف الأمان والإطمئنان، ويخطف حب الأولاد، فما الذي يدعو الإنسان إلى قهر أبنائه كما قُهر هو؟! والخوف يرافقه كسر للطموح، وكبت للرغبات، فيبقى الإنسان في مكانه المجتمعي دون تقدّم، ولو تقدّم شيئا لأرسلت الحكومة له غرابا يفقأ عينيه لئلا ينعم أكثر من اللازم. 

إنها الرواية التي تعيد رواية نفسها ولكن بأسلوب آخر أكثر توسّعا وربما يُضفي هذا بعض الغموض على الرواية إذ أن نهايتها أسطر فارغة في فصل "ما ظلّ خفيا"، وربما يُضفي عليها بعض الملل. ويلخّص بطل الرواية بهجت حبيب معاناته في كلمات قليلة عندما يقول: "هذه أوطان أشبه بالفنادق، لن يسمحوا لك أن تحبها، الشيء الوحيد المسموح به هنا أن تكون قوي وتدّعي، مثلهم، حبها لتلتهمها أكثر فأكثر. هذه أوطان لثلاثه: ابن غني، وابن قبيلة، وابن نظام."

وقفة مع نصفية "رأيت رام الله"

كتاب رأيت رام الله يطرح قضايا مهمة جدا على الصعيد السياسي، والجميل في الأمر أن الكاتب يعرض لنا المعاناة والألم والشوق إلى الوطن من وجهة نظر من عاش هذا الواقع الصعب، فنراه يصف لنا عبور الجسر ونراه يصف المستوطنات كأنها جراثيم داخل الجسم الحي. لكني وددت لو كان أسلوب الكتاب أكثر تشويقا، وهذا كان يمكن أن يحدث لو طوّر الكاتب الحبكة القصصية أو جعل فيها خيطا دراميا يمر من خلال الصور التي يعرضها.

الهروب إلى الخطر/ أجاثا كريستي

لا أدري لماذا أطلقوا عليها اسم رواية في حين أنها في الحقيقة مجموعة قصص بوليسية. إنها قصص من عالم الإجرام، وهي نتاج للحضارة المادية التي تمتهن حياة الإنسان وتستبيحها فتقتل لأجل متاع في الدنيا قليل. القتل صار أهون شيء، والسيناريو صار أكثر تعقيدا بفعل تراكم الخبرة في الإجرام، ولذا فإن التحقيق يطول في كل قضية وأخرى، ولكن لا بدّ للمجرم أن يقع ولو بعد حين، ولذا فإجرام المجرم هو هروب إلى الخطر في حين يظن هو أنه يهرب منه. الترجمة إلى العربية في النسخة التي قرأتها لم تكن متقنة وهناك أخطاء لغوية ومطبعية تعيق على القراءة السلسة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق